إن انفتاح المؤسسات السجنية على المنظمات الحقوقية والنسيج الجمعوي المتشبع بقيم المواطنة الحقة، والمنخرط تلقائيا في إنجاح عملية ادماج السجناء داخل المجتمع مباشرة بعد الإفراج عنهم، انفتاحا مسؤولا وهادفا للفضاء السجني، يكرس بكل تأكيد البعد الإنساني والتأهيلي، ويكفل الحفاظ على الكرامة والسلامة الجسدية والمعنوية للمعتقلين.
هذا الخيار الإستراتيجي تبنته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عن قناعة خلال السنوات الأخيرة، وذلك وعيا منها في إنماء التوازن المعقلن، والمقاربة الإدماجية والحقوقية في إدارة المؤسسات السجنية والإصلاحية بمختلف ربوع المملكة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، وتماشيا مع روح الدستور المغربي الذي ينص على تفعيل الديمقراطية التشاركية بين مؤسسات الدولة الحكومية والشبه حكومية والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.
وقد أكدت التجارب الميدانية والنموذجية مدى أهمية هذا الإنفتاح الإستراتيجي على المجتمع المدني” جمعية قافلة نور الصداقة للتنمية الإجتماعية بفاس- نموذجا” في إرساء دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات، كما أكد ذلك السيد عبد العزيز اسبياع مدير السجن المحلي عين قادوس بفاس، وهو يتحدث بإعتزاز عن هاته الإستراتيجية المُحْكَمَة المُعْتَمَدَة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، والتي تهدف بالأساس إلى خلق تواصل بناء بين السجناء ومحيطهم الخارجي بما في ذلك المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، على اعتبار أن التواصل البناء والمعقلن مع السجناء مدخل أساسي لتأهيلهم نفسانيا، وتمكينهم تلقائيا من الولوج المعقلن وبوتيرة أسرع إلى عالم إعادة الإدماج.
السيد عبد العزيز اسبياع مدير السجن المحلي عين قادوس بفاس، أكد كذلك أن تكريس مبدأ الحق في إعادة الإدماج بالنسبة للسجناء يندرج ضمن مطمح إنساني نبيل دشنه جلالة الملك محمد السادس من خلال حرصه الدائم على توفير كل سبل الرعاية والإدماج للسجناء، باعتبارهم مواطنين لا تنتفي حقوقهم المواطناتية بمجرد دخولهم السجن.
هاته الإستراتيجية المعتمدة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تجلت معالمها الخلاقة من خلال مائدة الإفطار الرمضانية التي نظمتها جمعية قافلة نور الصداقة للتنمية الإجتماعية في شخص رئيستها عميدة الفاعلات الجمعويات بفاس السيدة خديجة حجوبي، بشراكة مع المنسقية الجهوية للتعاون الوطني بجهة فاس مكناس في شخص المنسق الجهوي السيد حميد الخزري، وبتنسيق مع إدارة السجن المحلي بفاس في شخص مدير المؤسسة السيد عبد العزيز اسبياع، وتحت إشراف المندوبية الجهوية لإدارة السجون وإعادة الإدماج في شخص المدير الجهوي السيد مصطفى الدغوسي.
جميع الفرقاء الذين ساهموا في تنظيم هذا الإفطار الجماعي وعلى رأسهم مدير السجن المحلي السيد عبد العزيز اسبياع، أشادوا بهاته المبادرة الإنسانية التضامنية النبيلة التي أدخلت الدفئ الأسري والحنان العائلي على قلوب السجناء الذين على شرفهم أقيمت مائدة الإفطار الرمضانية هاته، حيث سادت الأجواء الروحانية والنفحات الربانية حول موائد الإفطار التي استحضر من خلالها سجناء هاته المؤسسة الإصلاحية لحظة الإفراج عنهم ومعانقة الحرية وإعادة الإدماج، ومراجعة السلوكات وتصحيح الأخطاء، والإسهام في بناء الوطن الذي يتسع للجميع، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، راعي مسلسلات الإصلاح وأنسنة ظروف الإعتقال وإعادة الإدماج.
جدير بالذكر أن هاته المحطة الإنسانية التضامنية الخلاقة التي احتضن أجواءها الرمضانية الروحانية العائلية بعد مغرب يوم الخميس 10 رمضان 1437 الموافق 17 يونيو 2016، فضاء السجن المحلي بفاس “عين قادوس” والتي توجت بتوزيع الملابس على جميع السجناء الذين شاركوا في هذا الإفطار الجماعي، تميزت بالتنظيم المحكم، الذي سهر على ترسيخه نخبة من الأطر العاملة بهاته المؤسسة السجنية بمختلف رتبهم ومهامهم المنوطة بهم، بالإضافة إلى الإنضباط البناء الذي أبان عنه هؤلاء السجناء الذين هتفوا عاليا بحياة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، كما تقدموا بالشكر الجزيل إلى الفاعلات والفاعلين الجمعويين والحقوقيين أعضاء وعضوات جمعية قافلة نور الصداقة للتنمية الإجتماعية برئاسة الحاجة خديجة حجوبي وضيوفها فوق العادة، وكذا المنسقية الجهوية للتعاون الوطني بجهة فاس مكناس في شخص المنسق الجهوي السيد حميد الخزري، الذين أدخلوا على قلوبهم الدفئ الأسري ومقومات المواطنة الكريمة.