العصبة المغربية رمز تاريخي وعلامة على زمان وطني مضاع في بداية ستينات القرن الماضي ومستعاد في مستهل القرن الحالي …
تميزت الندوة الفكرية الوطنية التي نظمها المكتب الجهوي للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية يوم أمس الأربعاء 18 ماي 2016 بمدينة الدارالبضاء، تخليدا للذكرى الحادية عشرة لإعلان جلالة الملك عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالمشاركة الوازنة للباحث المغربي في الشؤون السياسية والذاكرة الوطنية التاريخية الأستاذ عبد الله أوكان، وذلك من خلال مداخلته التي تمحورت حول موضوع :
“الرسالة الملكية إلى العصبة المغربية ــ الوظائف والدلالات” .
وقد اعتمد الأستاذ عبد الله أوكان من خلال دراسته التحليلية لمضامين الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره إلى المؤتمر الثاني للعصبة المغربية سنة 2000، على خمس دلالات أساسية، نستعرضها على النحو التالي :
الــــــــدلالـــة الأولـــــــــــــــــــى
أرسل جلالة الملك رسالته إلى العصبة المغربية في بداية فترة حكمه حيث كان يؤسس لقنوات التواصل الفعال مع شعبه ، ومع القوى الحية في المجتمع ..وفي هذه الرسالة لايتوجه إلى العصبة المغربية ..بل هو يتوجه من خلالها إلى المجتمع المدني المغربي برمته ..
الـــــــدلالــــــــة الـثـــــــانيـــــــــة
تعكس الرسالة انفتاحا وتفاعلا جديدا للدولة مع قوى المجتمع ، وخاصة منظمات المجتمع المدني ، إنه استئناف لمشروع حضاري تم إجهاضه ، و استعادة للحظة إبداع تاريخية مفقودة شهدها المغرب في فجر الاستقلال وتحديدا في السنوات السبع التي تلته ، حيث كان الانسجام والتناغم بين الدولة و قوى المجتمع.. وكان التلاحم بين مكونات الحركة الوطنية.. تجسيدا وامتدادا للتعاقدات الوطنية في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي..
الـــــــدلالــــــــــة الثــــــــالــثــــــة
هذه الرسالة الملكية تعد منعطفا في خطاب جلالة الملك محمد السادس ، فهي التدشين الحقيقي للمشروع المجتمعي الجديد في العهد الجديد ، والذي يولي الأولوية للجوانب الاجتماعية والإنسانية في التنمية ، تدشين على الصعيد النظري قبل حوالي خمس سنوات من خطاب 18 ماي 2005 الذي دشن المشروع عمليا .
كان المشروع المجتمعي الذي تبنته الدولة في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني عماده وملاك أمره هو التنمية الاقتصادية لكن هذا المسار هو الذي أفضى إلى الطريق المسدود وجعله يلقي .خطابه الشهير حول خطر السكتة القلبية الذي يتهدد المجتمع ويطرح سؤالا مصيريا كان قد وجهه إلى المدير العام للبنك الدولي يطرحه في وجه الجميع بمرارة وألم : لماذا دول في مستوانا وصلت إلى مرحلة الوثبة أوالإقلاع لماذا المغرب لم يثب لماذا لم يقلع ؟ لأن إجابات البنك الدولي كانت مؤلمة وكانت أرقامها وبياناتها موجعة تجعل كل ذي ضمير لاينام كما عبر جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني.
كان رد فعل الملك والقوى الفاعلة هو بداية تعاقد سياسي جديد بين مكونات الصف الوطني المغربي للتصدي لهذه الإشكالية التاريخية تمثل في دستور 96 وتناوب 97 وتشكيل لجنة وطنية لإصلاح التعليم 99.
هذا التعاقد السياسي والاجتماعي بين الدولة و المجتمع سيشهد طفرة نوعية في العهد الجديد بل سيشهد بدايته الفعلية فجواب جلالة الملك محمد السادس على الإشكالية التاريخية التي أفرزها عهد والده ليس فقط تجديد التعاقد السياسي والحضاري مع مكونات الحركة الوطنية وقوى المجتمع بل بلورة مشروع مجتمعي يحدث قطيعة مع النموذج التنموي التقليدي المنبني على أولوية الاقتصاد ويطرح نموذجا تنمويا حديثا يتمركز حول الإنسان …
الـــــــدلالــــــــة الـــــــــرابــــــعـــة
تضع الرسالة الملكية العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية في قلب ذلك كله ، هي في قلب انتصارات الماضي وتراجعاته و آلامه ، هي رمزتاريخي وعلامة على ذلك المشروع الحضاري المجهض ، على ذلك الزمان التاريخي المضاع في بداية ستينات القرن الماضي والمستعاد في مستهل القرن الحالي …
لكنها أيضا اليوم رمز وتجسيد لعودة الروح ..ولهذا البعث الجديد لعلاقة التعاون والتشارك بين الدولة والمجتمع المدني…
الــــــــدلالــــــــة الـخـــــــامـــــــسة
ترسم الرسالة الملكية خارطة طريق لهذا البعث الجديد للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية ، خارطة طريق شمولية متماسكة وواضحة محددة ..
تشمل مجالات الفعل التنموي ، طرائقه ، الفئات المستفيدة ، والرؤية المؤطرة…