بالتزامن مع الإنطلاقة الفعلية للحملات الإنتخابية المؤطرة للإستحقاقات الإنتخابية العامة المقبلة {اقتراع الأربعاء 8 شتنبر 2021} بمختلف ربوع المملكة.
يتعين على كل المترشحين لخوض غمارها، استحضار جسامة المسؤولية المترتبة عن عدم وفائهم بالوعود الإنتخابية التي يوزعونها هنا وهناك من أجل إستمالة أصوات الناخبين للظفر بمراكز القرار والمسؤولية بالمجالس الترابية والتشريعية.
على اعتبار أن هذه المسؤولية في حد ذاتها إنما هي أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها (كما ورد في الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه).
لكل ذلك ومن أجله، حَرِيٌّ بجميع المرشحات والمرشحين لخوض غمار هذه الإستحقاقات العامة اعتبار وعودهم الإنتخابية بأنها وعود تعاقدية ملزمة لهم بالدرجة الأولى، ستعرضهم لا محالة للمحاسبة من طرف الناخبين وضعوا ثقتهم فيهم وصوتوا لصالحهم، عملا بالقاعدة الدستورية :
ربط المسؤولية بالمحاسبة
– وهذه الوعود الإنتخابية ستعرضهم كذلك للمساءلة الربانية غدا يوم القيامة، مصداقا لقوله تعالى في سورة الصافات :
{وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)}
- إلى جانب تحذيره جل وعلا الوارد في سورة الإسراء الآية 34 :
{وَأَوْفُواْ بِٱلْعَهْدِ ۖ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْـُٔولًا}
- كما أنها ستعرضهم لا محالة للتوبيخ الإلهي الوارد في الآيتين الكريمتين 2و3 من سورة الصف:
{يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( 2 ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( 3 )}.
ورأفة برؤساء المجالس الترابية ونوابهم المفوض لهم تدبير بعض المرافق والمصالح الجماعية، ندعوهم كذلك إلى ضرورة استحضار القاعدة التشريعية البليغة التالية :
مَــنِ اِلْتَــــزَم بِشيءٍ لَـــــزِمَــــهُ
وهذه القاعدة التشريعية لطالما كان ولازال يرددها رئيس مجلس عمالة فاس المستشار البرلماني الأستاذ الحسين العبادي، حيث كان موفقا إلى حد كبير في تثمين المفهوم الجديد للحكامة التدبيرية بمجلس العمالة، وتجويد آليات الديمقراطية التشاركية في علاقته المباشرة بجميع مكونات مجلس العمالة والسلطات المحلية بعمالة فاس والجهة.إلا أنه يتعين عليه من باب قوله تعالى {ولكن ليطمئن} التأكد من مدى وفائه بكل وعوده التعاقدية، والتوجه قبل فوات الأوان صوب رد المظالم إلى أهلها (إن كان في الأمر ما يستوجب ذلك).
لكل ذلك ومن أجله، يتعين على المنتخبين صناع القرار بالمجالس الترابية، الحرص كل الحرص على التنزيل السليم للمذكرات الوزارية المؤطرة للتدبير الجيد للمجالس الترابية، والقوانين التنظيمية ذات الصلة، مع تفادي التعامل والتعاطي مع الملفات الإنسانية والإجتماعية والخدماتية التي تضمنتها برامجهم الإنتخابية وشعاراتهم الإستهلاكية بصيغة :
{كم حاجة قضيناها بتركها}
وبالرجوع إلى تساؤلنا المطروح سلفا أعلاه : هل فعلا عمدة فاس الأزمي تعامل مع ملف التصفية الإدارية للوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس بصيغة {كم حاجة قضيناها بتركها} أم لا؟
وقبل الغوص في الجواب، علينا وبكل بأسف شديد استحضار الفشل الذريع لجماعة فاس في شخص رئيسها المنتهية ولايته الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي، في تسوية ملف التصفية الإدارية للوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس.
وهو الفشل الذي بات يهدد وجوديا الإستقرار الأسري لحوالي 800 مستخدم بالوكالة المستقلة للنقل الحضري سابقا، نخص بالذكر منهم 368 من مطرودي سيتي باص، 20 منهم انتقلوا إلى جوار ربهم من دون أن يتوصلوا بمستحقاتهم المالية المشروعة المترتبة عن التصفية الإدارية للوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس سابقا، والتي تندرج في إطار الديون الإجتماعية لهذه الوكالة التي طالها التفويت.
الرسالة الأولى مسجلة بمكتب الضبط بجماعة فاس بتاريخ 25 غشت 2016 تحت عدد 32936.والرسالة الثانية مسجلة كذلك بمكتب الضبط بتاريخ 24 غشت 2017 تحت عدد E 422.
أما على صعيد الوقفات الإحتجاجية السلمية لمطرودي سيتي باص أمام مقر جماعة فاس، فقد بلغ عددها ثلاثة وقفات تم تنظيمها بشكل حضاري أيام :
” الأربعاء والجمعة والثلاثاء 9 و11 و15 غشت 2017″.
غير أن هاته الوقفات الإحتجاجية السلمية الحضارية، تم التعامل معها من طرف السيد العمدة مع الأسف الشديد، بنوع من التجاهل الملحوظ، واللامبالات الغريبة التي استمدت كينونتها التبريرية من قاعدة :
كــــم حاجــــــة قضيناهــا بتركهـــــا
مما اضطر معه مطرودو سيتي باص مكرهين إلى الدخول في اعتصام انذاري مفتوح داخل مقر جماعة فاس زوال الثلاثاء 29 غشت 2017، استمر إلى حدود الساعة الحادية عشرة ليلا من نفس اليوم، حيث تم فكه استجابة للمساعي الحميدة للسلطات المحلية بعمالة فاس.
وهو نفس السيناريو الذي تكرر صباح الأربعاء 30 غشت 2017 حيث دخل مطرودو سيتي باص في اعتصام مفتوح للمرة الثانية على التوالي داخل مقر جماعة فاس، تم التعامل معه مع كامل الأسف، بنوع من التجاهل واللامبالاة من طرف عمدة فاس وبعض نوابه، في حين خاضه مطرودو سيتي باص بمعنويات مرتفعة ممزوجة بنوع من الإنضباط والجدية وروح المسؤولية.
حرصوا على أداء الصلوات المفروضة جماعة {الظهر والعصر والمغرب والعشاء}.
حيث استمر هذا الإعتصام الحضاري إلى غاية الساعات الأولى من صباح يوم الخميس 31 غشت 2017، حيث تم فكه مرة أخرى استجابة للمساعي الحميدة للسلطات المحلية بعمالة فاس.
لستمر المعاناة، وتستمر معها بالموازاة اللامبالاة، لكن الضحايا فقط هم مطرودي سيتي باص.
وعلى هامش انعقاد الندوة الصحفية التي حضرها عمدة مدينة فاس الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي بتاريخ 25 نونبر 2019 بمناسبة تنظيم الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية للدورة السادسة للأيام المفتوحة تحت شعار :
المواطن في صلب العملية التنموية
تطرق السيد العمدة إلى حجم الديون التي بذمة الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس سابقا (الديون الإجتماعية والديون التجارية)، والتي حدد قيمتها في حوالي 130 مليون درهم {13 مليار سنتيم}، وتعهد بايجاد الحلول التوافقية من أجل تحديد المساهمة المالية للأطراف المعنية بهذه التصفية {وزارة الداخلية، وزارة المالية، وجماعة فاس}.
إلا أنه ولحدود يومنا هذا، لم تتم أية تسوية لملف التصفية الإدارية، حيث تبخرت أحلام مطرودي سيتي باص، وخابت آمالهم الوعود الإنتخابية والشعارات الإستهلاكية، وساد الإحباط والتدمر في صفوف أسرهم المكلومة بأوضاعهم الإجتماعية المتدهورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأمام هذه المعاناة المريرة، مرة أخرى يتساءل العديد من مطرودي سيتي باص، ومن خلالهم بعض المهتمين بالشأن المحلي بمدينة فاس :
هل فعلا عمدة فاس الأزمي تعامل مع ملف التصفية الإدارية للوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس بصيغة {كم حاجة قضيناها بتركها} أم لا؟
وتساؤلهم هذا يبقى حقهم المشروع الذي له مبرراته، خصوصا إذا علمنا أن السيد العمدة ومن خلال استعراضه لحصيلة تدبيره المحلي لجماعة فاس، أكد أنه قام بتسديد ما مجموعه 94 مليار سنتيم من الديون المتراكمة التي بذمة جماعة فاس منذ سنة 2003.