ما أحوج حزب الإستقلال في هاته الفترات العصيبة التي يجتازها وهو يستجمع هممه لعقد مؤتمره العام السابع عشر وسط أجواء مشحونة بالمناورات والمتابعات القضائية، تنذر بالإنشقاق أو البلقنة أو التقزيم، بعد محاولة البعض الإجهاز على الشرعية الديمقراطية، ديمقراطية صناديق الإقتراع لإختيار الأمين العام للحزب خلال هذا المؤتمر العام.
إذا كان الأمين العام الحالي لحزب الإستقلال السيد حميد شباط ومن معه ” أعضاء بارزين ومنظرين في قيادة الحزب، ونخبة من أطره ومناضليه، وعدد من نوابه بالبرلمان بغرفتيه”، يتشبثون بالممارسة الديمقراطية التي تستند إلى الإقتراع وَتُلْزِمُ جميع الأطراف بالقبول بنتيجته كيفما كانت، صونا لوحدة الحزب، ودفاعا عن الخيار الديمقراطي، وتشبثا بمبدأ استقلالية القرار الحزبي، وتنديدا بأية محاولة لفرض الوصايا على حزب الإستقلال من طرف أجهزة التحكم عن البعد.
فإن الجناح الآخر كما أكد ذلك السيد حميد شباط، يعمل جاهدا تحت طائلة التكثيف من حملات التضييق الحزبي، وتعدد ملفات المتابعات القضائية، وترويج الإشاعات المغرضة، والوشايات الكاذبة، كل ذلك من أجل ثنيه على التنحي بشكل نهائي من المشهدين السياسي والنقابي، وعدم الترشح لهذا المنصب خلال المؤتمر العام السابع عشر، وهو ما اعتبره السيد شباط هروبا إلى الأمام من جانبهم، لكونهم لا يرغبون في الإحتكام إلى صناديق الإقتراع خلال هذا المؤتمر العام للحزب، إما خوفا من النتيجة المخيبة لآمالهم لعدم ثقتهم في أصوات مناصريهم، وإما خوفا من شعبية الأمين العام حميد شباط التي تزداد يوما بعد يوم بفعل هاته الممارسات والسلوكات اللامسؤولة، والمتنافية مع الأعراف الديمقراطية.
وأمام هذا المعطى الدخيل عن هاته الأعراف الديمقراطية العريقة، فقد رفع الزعيم الإستقلالي حميد شباط بمعية أنصاره التحدي في وجه منافسيه مؤكدا تمسكه اللامشروط بالشرعية الديمقراطية، شرعية صناديق الإقتراع والتصويت بالبطاقة المغناطيسية، الكفيلة بالحفاظ على وحدة الحزب وقوته التنظيمية، وسمعته الوطنية والخارجية، وفاءً لأرواح زعمائه التاريخيين بدءاً بالزعيم الراحل علال الفاسي، ووصولا إلى حكيم حكماء الحزب المجاهد المرحوم امحمد بوستة، الذي ترك وصاياه الخالدة لكل الإستقلاليات والإستقلاليين وعلى رأسهم الأمين العام للحزب حميد شباط، حيث حثهم فيها على ضرورة التمسك بوحدة الحزب، وترصيص صفوفه، وتفعيل المصالحة الحزبية وصونها وتعزيزها والحفاظ عليها، بعزيمة قوية من شانها إحباط مناورات أجهزة التحكم عن بعد واملاءاتهم الخارجية.
هذه الوصايا البليغة والحكيمة والوجيهة، وبالنظر إلى حمولتها الحزبية الخلاقة، وقيمتها السياسية الوازنة، نضعها رهن إشارتكم بالصوت والصورة كما ثم توثيقها على لسان الحكيم الداهية، والمجاهد الفذ المرحوم امحمد بوستة، رجل الدولة من العيار الثقيل بإمتياز، كان قيد حياته رحمه الله في صمته كلام، وفي كلامه حكمة وعبر لمن أراد أن يعتبر، حكيم حكماء حزب الإستقلال بدون منازع، ووارث سر رئيس هذا الحزب العريق، الزعيم السياسي الفقيه العلامة علال الفاسي تغمده الله بواسع رحمته.
لذلك ومن أجله، إلى أي حد سيلتزم الإستقلاليون قيادة وقواعد حزبية رجالا ونساء، بتفعيل هاته الوصايا الخالدة وتحكيمها ممارسة وسلوكا، تجسيدا للمصالحة الإستقلالية الخلاقة المنشودة، ودفاعا عن وحدة الحزب وتوابثه، ووفاءً لأرواح زعمائه التاريخيين جيل المؤسسين والرواد ؟