يعتبر النادي الجراري بالرباط لمؤسسه المرحوم العلامة الجليل والفقيه المحدث والإمام الواعظ سيدي عبد الله بن العباس الجراري طيب الله ثراه، أحد أعرق الأندية الأدبية بالمملكة المغربية، وأشهرها وظيفة في احتضان جهابدة الأدب العربي، وفطاحلة الفكر الخلاق، وأهرامات الإبداع الشعري، من مختلف البلدان العربية والإسلامية، الذين يواظبون بفخر واعتزاز على حضور جلساته الأدبية والعلمية والشعرية، حيث حافظ هذا الصرح العلمي العظيم ومنذ تأسيسه خلال ثلاثينيات القرن الماضي على إشعاعه العلمي ودوره الريادي في نشر العلم والمعرفة، وقيم السلم والمحبة والوئام، والتسامح والتساكن، وتبني حوار الثقافات والأديان، وتشجيع تقارب الحضارات وتعايش الأقليات.
ولله در الشاعر أبي الطحمان رحمه الله حين أنشد قائلا :
وإني من القوم الذين هم هم ****** إذا مات منهم سيد قام صاحبه
نجوم سماء كلما غاب كوكب ****** بدا كوكب تأوي إليه كواكبـــــــه
أو كما قال شاعر آخر :
إذا مات منا سيد قام سيد ****** قئول لما قال الكرام فعـــــــــــــول
وسيرا على نهج والده وشيخه وأستاذه تغمده الله برحمته الواسعة الرئيس المؤسس لهذا النادي الجراري، يحرص عميد الأدب المغربي والعلامة الألمعي الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور عباس الجراري، على الإشراف الأكاديمي على تأطير المجالس الأدبية بشكل دوري، وذلك من خلال تنظيم المناظرات العلمية، واللقاءات الشعرية والأدبية، ممزوجة بوصلات غنائية من الطرب العربي الأصيل، ومستملحات من الأمداح النبوية، ومختارات من الأدعية المأثورة من الكتاب والسنة بعد أداء الصلاة المفروضة جماعة في وقتها على هامش هاته المجالس الأدبية، ناهيك عن إشرافه الفعلي على عقد مجموعة من الشراكات العلمية والثقافية مع مؤسسات رائدة في نفس المجال وذات الأنشطة والإهتمامات والأهداف المشتركة، نذكر من بينها :
– “إثنينية” الشيخ عبد المقصود خوجة بجدة – المملكة العربية السعودية المبرمة (بمباركة مولوية كريمة من صاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله ونصره)، سنة (1422 ھ = 2001 م).
– و”منتدى الأدب لمبدعي الجنوب” بمنطقة سوس العالمة “تارودانت” المبرمة سنة (1430 ه = 2009 م).
حيث احتضن هذا النادي الجراري بعد عصر يوم الجمعة 07 أبريل 2017 اللقاء الأول المشترك للنادي الجراري بالرباط مع المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية، وكرسي الأدب المغربي بفاس “كلية الأدب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس”.
حضر هذا اللقاء المشترك نخبة من المفكرين والأكاديميين والدبلوماسيين المغاربة والعرب، في طليعتهم معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ومعالي الدكتور عبد الحق المريني مؤرخ المملكة المغربية، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، والناقدة والأديبة الدكتورة نجاة المريني.
والشاعرة والأديبة الدكتورة لويزا بولبرس مديرة منتدى الجامعة الدبلوماسي برئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ومديرة العديد من المهرجانات العالمية للشعر آخرها مهرجان الشعر العالمي بمدينة العيون 4 – 5 نونبر 2016 الذي تمخضت عنه هاته الشراكة مع النادي الجراري وهذا اللقاء الأدبي المشترك الأول، وأيقونة الشعر بالمغرب وجهته الشرقية الأستاذة المحامية والشاعرة المقتدرة سميرة فرَجِي، بالإضافة إلى الدكاترة والأساتذة الباحثين أعضاء النادي الجراري وشركائه بمدينتي فاس وتارودانت.
وقد أجملت مختلف العروض والمداخلات التي ألقيت على هامش هذا اللقاء المشترك على الإشادة بمناقب عميد الأدب المغربي الأستاذ عباس الجراري المفكر المجدد والعلاَّمة الألمعي والباحث الأكاديمي الذي أغنى المكتبات العربية والعالمية بعشرات المؤلفات الأدبية والدراسات الأكاديمية والبحوث العلمية، ذات القيمة المعرفية والرمزية العلمية المتميزة، حيث اعتبروا شخصيته العربية الفذة كتلة علمية متحركة متميزة رائدة أصيلة ومتجددة، كما أشادوا كذلك بحفاوة الإستقبال وكرم الضيافة الذي سهرت على توفيره لجميع المشاركين وضيوف الشرف، فضيلة الأستاذة المبدعة والمضيافة حميدة الصايغ حرم الأستاذ الدكتور عباس الجراري وشريكة عمره وأم عياله.
برنامج هذا اللقاء الأدبي المشترك الأول الذي احتضنه النادي الجراري تضمن محوره الأول قراءات في الكتاب التكريمي الذي يحمل عنوان :
“جهود الأستاذ الدكتور عباس الجراري في التنمية الثقافية المستديمة”
وذلك من خلال مداخلات الأستاذة الأفاضل :
- د. عبد الله بنصر العلوي أدب المناقب في أشرف المراتب.
- د. عبد الإله البريكي الدكتور عباس الجراري في رياض الشعر.
- د. عبد الرحمان طنكول التواصل المغربي – الإماراتي ورهانات العصر من خلال دراسة د عبد الله بنصر العلوي.
- د. عبد الوهاب الفيلالي البحث في شعر الملحون من خلال دراستي د. أديوان، ود. البصكري.
- د. خالد السقاط أدب الرحلة في شعر الملحون في دراسة د. مصطفى الجوهري.
- د. الحسن الطاهري من ملامح الهوية الأدبية المغربية في مشروع د. عباس الجراري من خلال دراسة د. محمد البوري.
- دة. إلهام الحشمي قيمة عروبة التقوى في تحديد هوية اللغة العربية من خلال دراسة د. عبد الوهاب الفيلالي.
- د. عادل المنوني قبسات معرفية من كتاب تكريم الدكتور عباس الجراري.
الإستراحة الغنائية كانت في مجملها في مستوى هذا اللقاء الأدبي من حيث العزف الساحر والأداء الراقي لبعض القصائد العربية الخالدة من طرف كل من الأستاذ العلوي البلغيثي والمايسترو عز الدين المنتصر برفقة المطرب الفنان فؤاد.
كما أن مفاجأة هذا المجلس الأدبي أَرَّخَتْهَا أيقونة الإبداع الشعري العربي الأستاذ المحامية سميرة فرَجِي من خلال أدائها الراقي لقصيدتها الشعرية التي تحمل عنوان “نـُـــــــور”، وكذا إصرارها الخلاق على نقش كلماتها العذبة وأبياتها الخالدة بحروف من ذهب على لوحة رخامية جميلة الشكل ثقيلة الوزن تحمل توقيعها، مهداة إلى عميد الأدب المغربي فضيلة العلامة الجليل الأستاذ الدكتور عباس الجراري.
هاته القصيدة الشعرية التي أبهرت أعضاء النادي الجراري وضيوفه، تركت الوقع الحسن في وجدان الأستاذ الدكتور عباس الجراري الذي جادت قريحته بقصيدة شعرية هي الأخرى من الروعة بما كان، تفاعل معهما المشاركون في هذا اللقاء الأدبي المشترك الأول، بنوع من التقدير والإعجاب والتصفيق الحار.
أعضاء المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية، وكرسي الأدب المغربي بفاس، وتقديرا منهم للمكانة العلمية لعميد الأدب المغربي فضيلة الأستاذ الدكتور عباس الجراري، منحوه الرئاسة الشرفية لكرسي الأدب المغربي بفاس عربون محبة واحترام وتقدير وإجلال وإكبار.
جدير بالذكر أن هذا اللقاء الأدبي المشترك الأول الذي ترأسه الأستاذ الدكتور عباس الجراري رئيس النادي الجراري، استهله مسير الجلسة الدكتور محمد احميدة بكلمة ترحيبية بإسم أعضاء النادي الجراري، أعقبها المقرئ محمد سعيد بنزكريا القادم من سوس العالمة مدينة تارودانت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، واختتمت فقراته المتميزة بالدعاء المأثور من القرآن الحكيم، وذلك مباشرة بعد الكلمة الختامية لعميد الأدب المغربي الأستاذ الدكتور عباس الجراري التي تلتها تحية شعرية من مدينة فاس بقلم الأستاذ محمد الإدريسي.