الخبير الإعلامي الدكتور كريم القرقوري: الملك محمد السادس  يدفع  بالتي هي أحسن  لإصلاح العلاقة مع الجزائر

الخبير الإعلامي الدكتور كريم القرقوري: الملك محمد السادس يدفع بالتي هي أحسن لإصلاح العلاقة مع الجزائر

الملك محمد السادس  يدفع  بالتي هي أحسن  لإصلاح العلاقة مع الجزائر

بقلـــم الخبيــــــر الإعلامــــــيالدكتور كريـــــــــم القرقـــــوري

عاد جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى ال24 لتوليه العرش، إلى ترسيخ مبدأ (الدفع بالتي هي أحسن) في علاقة المملكة المغربية بالجارة الجزائر،  لإنهاء الخلاف العالق بينهما، وتدشين صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الشقيقين والجارين، قوامها التعاون والتفاهم والتنمية، بدل التنازع والتنابذ وهدر فرص التطور والنمو.وخصص  الملك محمد السادس حَيِّزًا من فقرات خطابه -على غرار خطب ملكية سابقة – للعلاقات المغربية -الجزائرية، ليرمي حجرا آخر في بِرْكَتِهَا الآسِنَة التي من فرط ركودها باتت تنبعث منها روائح كريهة، أزكمت أنوف الغيورين على مستقبل العلاقات بين البلدين الجارين والشعبيين الشقيقين، بسبب ما تراكم في هذه “البِرْكَةِ” من شوائب وأوساخ وتلوث أفسد علاقات البلدين وعرضها للتسمم والخطر، ما لم تبادر الإرادات الحسنة والنوايا الطيبة -سريعا – إلى تنقيتها،  مما علق بها -على مدى العقود الماضية- من إدران وسوء فهم، وتعريضها لتيار هوائي جديد يطرد ركام التلوث الذي ترسب في سماء العلاقات بين البلدين، ويفسح المجال لتدفق هواء نقي وسليم لإنعاش العلاقات الأخوية والتاريخية، وإشاعة مناخ الثقة بين البلدين الجارين الذين يتقاسمان كل شيء.وهذا لعمري ما يرومه جلالة الملك  بمواصلة سياسة “اليد الممدودة”، أو مبدأ “الدفع بالتي هي أحسن” لإصلاح العلاقة مع الجزائر  وفاء لروابط الأخوة و الدين وحسن الجوار والتاريخ المشترك التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين.لذا جاء تأكيد الملك محمد السادس في خطابه بمناسية عيد العرش قويا لدحض أي إتهام، أو مخاوف، أو تخطيط من جانب المغرب على الإضرار بالمصالح الجزائرية، أو المساس باستقرارها، مفندا بذلك سردية جزائرية تمعن في شيطنة النظام المغربي، وتلصق به زورا وبهتانا “تهمة العدو الخارجي” الذي يتربص بأمنها واستقرارها ومصالحها، وهو ما يحاول حكام الجزائر يائسين الترويج له على نطاق واسع في الداخل والخارج، بإدعاء دعم المغرب لحركة تقرير المصير في منطقة القبائل، (الماك) والتحالف مع دولة أجنبية لتهديد أمنها القومي.وفي هذا السيــــاق، أكد جلالة الملك:

  “أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء، مؤكدا على  الأهمية البالغة، التي يوليها المغرب  لروابط المحبة والصداقة  والتبادل والتواصل بين شعبينا”.

 علما أنه ليست هذه المرة الأولى التي يؤكد فيها جلالة الملك على حسن نية المغرب، وصدق طويته تجاه الجزائر، فقد دعا في خطاب بمناسبة الذكرى ال43 للمسيرة الخضراء الرئيس الجزائري، إلى “العمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك”، مشدا على أنه:

“من غير المنطقي بقاء الحدود مع الجزائر مغلقة، و أن ما يمس أمن الجزائر يمس أمن المغرب والعكس صحيح “.

وأضاف بلغة صادقة أن “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما -يقول جلالة الملك- توأمان متكاملان، وإن الوضع الحالي لهذه العلاقات لايرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول، فقناعتي أن الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين” معتبرا أن “إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصيل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لإتحاد المغرب العربي،” لافتا إلى أنه:

” لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي  ولا حتى الرئيس السابق ولا أنا، مسؤولون عن قرار الإغلاق، ولكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا على استمراره، أمام الله وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا”

وإمعانا في تأكيد حسن  نية المغرب إزاء الجزائر، أكد الملك على أن المغرب لن يكون أبدا مصدرا للخطر أو المشاكل.ويختزن هذا البيان الملكي رسائل واضحة وصادقة، موجهة إلى من يهمه الأمر في الجزائر، مؤداها أن:

المغرب ملكا وشعبا غير راض تماما على استمرار الجفاء  والجمود في العلاقات بين البلدين، ومستعد دائما للحوار والمصالحة لتجاوز سوء الفهم المتراكم بين البلدين، وأن يد المغرب ستظل ممدودة إلى الأشقاء في الجزائر حتى يبعث الله فيهم حكاما رشداء، يتلقفون اليد المغربية الممدودة بما يقتضي من الحكمة والأخوة و”التي هي أحسن”.

وتعي المملكة المغربية جيدا أن عودة العلاقات المغربية الجزائرية البينية، أصبح ضرورة ملحة في زمن تتسارع فيه مبادرات التعاون بين الدول، حيث أصبح العالم يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن خدمة الشعوب وتنميتها لا يستقيم دون علاقات الشراكة والتعاون البيني مع دول الجوار، والسعي بكل جهد إلى دعم واحتضان المبادرات الشبيهة، بغية خلق توازنات بين الموارد والفرص والإمكانات المتاحة، في زمن التكتلات والأقطاب الدولية، لبنة أساس في صرح النماء والبناء المشترك.1- فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية تدرك معها الجزائر أن مصالحها الاستراتيجية تكمن في وضع يدها في يد جارها المغرب، لبناء فضاء مغاربي قوي ومنافس؟

2- هل يعي قصر المرادية أن العالم يعيش اليوم زمن التحالفات والتكتلات والقيادة الجماعية التي تنتصب كمحاور في الدفاع عن المصالح الاقتصادية والتنموية والسياسية لشعوبها، أمام الفضاءات الإقليمية المحيطة، ومنه تعود عن سياسة المناكفة والعداء التي اتخذتها عقيدة ضد بلد شقيق وجار، إمعانا في إضعافه والنيل من وحدته وتماسكه ونسيجه الجغرافي والثقافي؟

وبانتظار ذلك تظل الكرة – كما يقول المعلقون الرياضيون – في مرمى السلطات الجزائرية.الدكتور كريــــــــم القرقـــــــوري

باحث في العلوم السياسية والإعلام


اترك تعليقاً