نشر النائب العراقى كمال الساعدى ــ نائب ائتلاف دولة القانون ــ على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك مقالا اختار له كعنوان :
لنا فيما يحدث الآن فى تركيا عبرة فهل سنعتبر ؟!
كمــــــــــــال الساعــــــــــدي
جاء فيه :
يجدر بنا متابعة الحرب المستعرة الآن بين أمريكا والغرب… وبين تركيا!
ما يحدث لتركيا الآن.. هو جرس إنذار وناقوس خطر لما يمكن أن يحدث لنا فى المستقبل.. فى أى وقت ولأى سبب.
- 75 % من رؤوس الأموال المتداولة فى سوق الاستثمار التركية والتى ضخت فى شرايين الاقتصاد التركى..أموال أجنبية!
- 65% من البنوك فى تركيا.. بنوك أجنبية..!
- 74% من الأسهم والسندات المتداولة فى البورصة التركية هى لأفراد وشركات أمريكية وألمانية وأوروبية!
- منذ 2002 تدفقت رؤوس الأموال والاستثمارات والقروض الغربية من الاتحاد الأوروبى وأمريكا على تركيا! وهو ما يعرف فى علم الاقتصاد بالأموال الساخنة.
- توجهت أغلب تلك الاستثمارات والقروض إلى التنمية العقارية، وإنتاج المواد الخام، سواء محاصيل زراعية وخامات صناعية، بجانب السياحة وصناعة اللهو والدراما وصناعات التجميع! ما يعرف باقتصاد الجباية، وهو الاقتصاد القائم بالأساس على تحصيل إيرادات وأموال وأرباح بيع سريعة.
- فتحت تركيا أسواقها وبورصاتها بلا ضابط ولا رابط سداحا مداحا لرؤوس الأموال الأجنبية.. خاصة الأمريكية والأوروبية، وباعت وخصخصت بنوكها الوطنية لبنوك أجنبية!..
- فتحت تركيا أراضيها وقواعدها أيضا للقوات الأجنبية لدول الناتو، بل نصبت على أراضيها أكبر مراكز للتنصت على عدوها اللدود القديم وحليفها الجديد.. روسيا!
جاءت الأموال سريعا.. وصعدت المؤشرات والتصنيفات الاقتصادية بنفس السرعة!
حدثت طفرة براقة وخادعة فى قيمة الليرة التركية، وقفزت تركيا اقتصاديا إلى المركز العاشر عالميا!
لكنها كانت مؤشرات خادعة.. لم تكن تعكس جوهر وحقيقة أسس الاقتصاد التركى! - كان اقتصادا براقا فى مظهره، وفقاعة فى جوهره! اقتصاد الجباية والأموال الساخنة.. اقتصاد خدمى استهلاكى.. إنشائى وليس تصنيعيا أو تكنولوجيا! على النقيض مما هو الحال فى دول مثل ماليزيا وكوريا!
فماذا كانت النتيجة؟ - ظنت تركيا أنها أصبحت اقتصاديا.. قوى عظمى! لم تفطن إلى كونها مجرد دمية ضخمة تحركها شبكة خيوط أخطبوطية من أموال واستثمارات وشركات وبنوك ومصالح أجنبية على رأسها أمريكا وأوروبا!
لم تنظر إلى أساسيات اقتصادها الهشة! اغترت بحجم وتصنيف الاقتصاد وقوة الليرة!…. وليس بحقيقة وصلابة وديمومة أساسات ودعائم هذا الاقتصاد! - والنتيـــــــجة؟؟
- عندما اصطدمت الأحلام والسياسات السلطانية العثمانية الأردوغانية بأطماع وسياسات ومصالح الغرب.
- 1 – قام الغرب أولا بتدبير محاولة الانقلاب على أردوغان الحليف القديم ورجل الغرب وأمريكا الأول فى تركيا.. الانقلاب الذى أفشلته المخابرات الروسية نكاية فى الغرب وليس محبة فى جارتها وعدوتها اللدودة تركيا..
- 2 – ثم قامت ألمانيا وهولندا بسحب قواتهما من قاعدة إنجيرليك التركية.. وتوالى خروج باقى قوات الناتو التى تمركزت مؤقتا فى الأردن وقطر.
- 3 – قامت أمريكا بغلق عشرات المصانع الأمريكية على الأراضى التركية، وسحبت تراخيص تصنيع قطع الغيار لطائرات fــ16 ولمختلف الأسلحة الأمريكية.. تبعتها ألمانيا وفرنسا وباقى دول الناتو فى نفس الاتجاه.
- 4 – انسحبت عشرات الشركات الاستثمارية والسياحية والبنوك وشركات الأموال الغربية والأمريكية من السوق التركية فجأة وفى وقت قصير ومتزامن.
عندما اختلفت وتضادت المصالح والرؤى السياسية خلعت أمريكا وأوروبا أنفسهما فورا من تركيا، انسحبت الاستثمارات والأموال الساخنة فورا، ووضعت الرسوم والقيود على الصادرات التركية التى هى فى الأساس مواد أولية وخامات وحاصلات زراعية. - النتيــــــــجة..
انهارت الليرة التركية، وفقدت 60 % من قيمتها فى غضون 72 ساعة فقط،- هذا ما خشى مهاتير محمد أن يحدث لماليزيا وما اختلف فيه مع صديقه ووزير ماليته أنور إبراهيم، وهو ما دفعه إلى رفض شروط صندوق النقد الدولى لإصلاح الاقتصاد الماليزى إثر أزمة جنوب شرق آسيا الطاحنة فى عام 1997، فرفض روشتة صندوق النقد الدولى الاستعمارى، رفض تدفق القروض والاستثمارات والموجهة أساسا لقطاعات الجباية : كالسياحة والإنشاءات والبنية التحتية وغيرها من مسميات تبدو براقة ولكنها تأخذ البلاد والاقتصاديات بعيدا عن الأساسات الصلبة والمستدامة لاقتصاديات حقيقية، مثل التصنيع والتكنولوجيا والتعليم والتصنيع الزراعى، فضل عليها الاستثمار الوطنى فى التصنيع والتكنولوجيا، وصنعنة الزراعة والتعليم، فنجحت ماليزيا واستمرت، بينما انهارت تركيا وسقطت.
-
هذا هو الفرق بين أردوغان ومهاتير محمد - هذا هو الفرق بين اقتصاد الجباية والقروض، والتشييد والبناء والاستثمار فى الطوب والتشييد، والأسواق والبورصات المفتوحة سداحا مداحا، وبين الاقتصاد الوطنى المتدرج فى النمو والمرتكز على قاعدة متينة من جودة التعليم، والتقدم الصناعى والتكنولوجى، ومن خلال أسواق وبورصات منضبطة وتحت المراقبة..
إحنا ماشيين فى سكة تركيا وأردوغان وليس ماليزيا ومهاتير
ما يحدث لتركيا والليرة الآن يمكن أن يحدث لنا وبصورة أسهل وأسرع وأكثر كارثية، لأننا أضعف كثيرا أصلا، إذا لم ننصع ونرضخ لجميع أوامر ورغبات الغرب وأمريكا فى المستقبل القريب؟ كما حدث فى التنازل عن تيران وصنافير، والانخراط فى الناتو العربى، وفى صفقة القرن وما سيحمله قادم الأيام من اتفاقيات وتنازلات فى كل مجال، وكل قضية وكل مصلحة تهم الغرب وأمريكا ومن خلفهما إسرائيل.. سوف يحدث لنا ما يحدث لتركيا الآن.. بل سيكون الانهيار أقسى وأسرع.
لنا فيما يحدث الآن فى تركيا عبرة فهل سنعتبر ؟!