لا يمكن الحديث عن الإستقرار الأمني والروحي الذين تنعم بهما مدينة فاس على وجه الخصوص، ومختلف ربوع المملكة المغربية بشكل عام، من دون استحضار المجهودات المبدولة والتضحيات الجسام التي ما فتئت تقدمها المديرية العامة للأمن الوطني بمختلف مصالحها المركزية وولاياتها الأمنية وعناصرها المقتدرة من مختلف الأجيال والفئات والأعمار “نساءً ورجالاً”، دون أن ننسى تلك الإضافة النوعية الخلاقة، التي جسدتها العناصر الأمنية من جيل الشباب الذين استمدوا خبرتهم وحيويتهم من عمق تجربة وحنكة جيل الرواد من أهرامات رجال الأمن الذين أبلوا البلاء الحسن طيلة مشوارهم المهني الحافل بالأمجاد والبطولات الخالدة.
هاته الإستمرارية المعقلنة والمقنعة، ساهم في نجاحها إلى حد كبير، ترسيخ ثقافة صناعة الخلف الرشيدة المعتمدة من طرف القائمين على تدبير شؤون المديرية العامة للأمن الوطني التي طعمت مختلف أجهزتها الأمنية بجيل لا يستهان به من الأطر الشابة الواعدة والرائدة، ذات الخبرة العالية والتكوين الأكاديمي في مجال محاربة الإرهاب بكل أشكاله وتجلياته، والتصدي بكل ما يلزم من الصرامة والحزم لمختلف الجرائم المنظمة والشبكات الإجرامية المحترفة، والخلايا الإرهابية المتشبعة بالتطرف والعنف والتقتيل.
إن الأداء الجيد لهذا الجيل من الأطر الشابة الذين حملوا بإستحقاق مشعل الدفاع عن أمن وسلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، والدود عن حوزة الوطن وتجنيبه ويلات الأعمال الإرهابية، أكسبهم ثقة المواطنين المغاربة والمنتظم الدولي بما في ذلك الدول العظمى، والمحيط الإقليمي ودول الجوار، وكذا الدول العربية والإسلامية والإفريقية على حد السواء، وذلك بفضل تعبئتهم القوية، ويقظتهم المستمرة، وتحركهم الفعال، وتدخلاتهم الإستباقية الناجعة التي تكللت بالنجاح واستطاعت تحقيق الأهداف المسطرة المتوخاة منها.
ولعل الإحتفال الرسمي بالذكرى 60 لتأسيس الأمن الوطني بمقر ولاية أمن فاس صباح يومه الإثنين 16 ماي 2016 الذي أقامته أسرة الأمن بهاته المدينة النموذجية في مجال استثباب الأمن ودعم الإستقرار، والذي ترأسه السيد سعيد زنيبر والي جهة فاس مكناس عامل عمالة فاس، بمعية السيد نور الدين عبود عامل اقليم مولاي يعقوب، والجنرال قائد الحامية العسكرية بفاس، ورئيس المجلس العلمي، ورؤساء السلطات القضائية، والسلطات العسكرية والشبه عسكرية، ورؤساء الجماعات الترابية والمجالس المنتخبة والغرف المهنية، ونواب الإقليم بالبرلمان المغربي بغرفتيه، حيث كان في استقبالهم السيد فؤاد الغلوضي والي أمن فاس بالنيابة مرفوقا بمساعديه الأقربين.
تميزت فقرات هذا الإحتفال التاريخي كما جرت العادة، بتحية العلم المغربي، وترتيل آيات بينات من القرآن الكريم من طرف أحد ضباط الأمن بفاس المقرئ محمد ادريسي جوهري، بالإضافة إلى تلاوة التقرير السنوي من طرف عميدة الشرطة هيام البوزيدي، هذا التقرير الذي أعدته ولاية أمن فاس معززا بالأرقام والإحصائيات، والذي تضمن الحصيلة الإجمالية لمختلف التدخلات الأمنية على صعيد ولاية أمن فاس التي ارتكزت في مجملها على قاعدتين أساسيتين وهما :
الإستباق والوقاية، وذلك في إطار حكامة أمنية متعددة الأبعاد ومحددة الأهداف، تكمن الغاية منها في السهر على أمن المواطنين وحماية ممتلكاتهم، حيث استطاعت هاته الإستراتيجية المحكمة تحقيق نتائج يمكن اعتبارها ايجابية في مجال محاربة الجريمة وزجرها، وذلك بفضل الجدية وروح المسؤولية التي أبان عنها نساء ورجال الأمن أثناء أدائهم لواجبهم المهني، حيث تمكنت مصالح ولاية أمن فاس من انجاز 50 ألف و241 قضية خلال الفترة الممتدة من فاتح ماي 2015 إلى فاتح ماي 2016، والتي قُدِمَ بموجبها أمام العدالة ما مجموعه 33 ألف و 112 شخصا متورطين في قضايا مختلفة مفصلة على الشكل التالي :
1 – الاعتداء على الأشخاص : تم إنجاز 6266 قضية و قدم بموجبها 7069 شخص .
2 – الاعتداء على الأسرة : تم إنجاز 685 قضية وقدم بموجبها 509 شخص .
3 – المس بالأخلاق العامة : تم إنجاز 5404 قضية قدم بموجبها 7919 شخص.
4 – المس بالسلطة : تم إنجاز 152 قضية وقد بموجبها 265 شخص.
5 – المس بالنظام العام : تم إنجاز 38 قضية وقدم بموجبها 56 شخص.
6 – قضايا المخدرات : تم إنجاز 4226 قضية وقدم بموجبها 7137 شخص.
7 – عدد الأشخاص المبحوث عنهم من أجل قضايا مختلفة : 9472 شخص .
8 – عدد الأشخاص الذين تم التحقيق في هوياتهم : 187 ألف و 423 شخص.
أما بخصوص ظاهرة ترويج المخدرات وأقراص المؤثرات العقلية، فقد أحالت مصالح الشرطة القضائية بولاية أمن فاس، ما مجموعه 1339 شخصا على العدالة من المتورطين كما تمت إحالة 2717 شخصا متورطا من أجل استهلاك المخدرات بكل أنواعها، حيث بلغت الكمية المحجوزة خلال نفس الفترة، ما مجموعه 603, 737 كيلوغرام.
أما في ميدان السير والجولان
وخلال الفترة الممتدة ما بين 15 ماي 2015 إلى غاية 15 ماي 2016، فقد تم تضبط ما مجموعه 39 ألف و 570 مخالفة، وكذا 17 ألف و 836 من محاضر مخالفات السير المنجزة والمحالة على النيابة العامة، بالإضافة إلى إيداع ما مجموعه 6264 من الآليات المتحركة ” شاحنات – حافلات النقل الطرقي – سيارات – ودراجات نارية” بالمحاجز البلدية.
وهذا ما يعكس المجهودات المبدولة من طرف المصالح الأمنية، والإهتمام المتزايد الذي توليه ولاية أمن فاس من أجل التطبيق السليم والأمثل لمقتضيات مدونة السير على الطريق بشكل عام.
وفي ختام هذا التقرير السنوي، إلتمست أسرة الأمن الوطني بفاس في شخص السيد والي أمن فاس بالنيابة، من السيد والي جهة فاس مكناس أن ينوب عنها في رفع آيات الولاء والإخلاص للسدة العالية بالله صاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، وأدام له العزة والتمكين، ضارعين إلى الباري جلت قدرته أن يطيل عمر جلالته، ويمتعه بموفور الصحة والهناء والسعاد، والرقي لشعبه الوفي المعلق بأهذاب العرش العلوي المجيد، وأن يحفظه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
وبهاته المناسبة السعيدة، فقد وشح السيد والي جهة فاس صدور عدد من متقاعدي وموظفي الأمن الوطني بفاس، بأوسمة ملكية أنعم بها صاحب الجلالة نصره الله عليهم، عرفانا بتفانيهم في الواجب المهني وإخلاصهم للوطن وللعرش العلوي المجيد.