وصايا رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي لأصحاب البذلة السوداء : الأبعاد والدلالات

وصايا رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي لأصحاب البذلة السوداء : الأبعاد والدلالات

تميزت المداخلة الوجيهة التي ألقاها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة السيد محمد عبد النباوي بمدينة أكادير مساء الجمعة 14 دجنبر 2018 على هامش إختتام فعاليات الأيام التكوينية الموجهة للمحامين الشباب، التي نظمتها هيآت المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون خلال الفترة الممتدة بين 10 و 14 دجنبر الجاري،  تحت شعار :

“قواعد وأعراف المهنة..قيم احترامها واجب وفضيلة” بتأكيده الجازم أن المحامي يعد شريكا للقاضي في ترسيخ العدالة والدفاع عن حقوق وقيم المساواة، منوها من خلال مداخلته القيمة هذه بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها هيآت المحامين بالمغرب من أجل تخليق مهنة المحاماة والحفاظ على قيم المهنية والنزاهة والإستقامة.وبالنظر إلى الحمولة العلمية الوازنة، والقيمة المعرفية المتقدمة التي تضمنتها هذه المداخلة الوجيهة التي تقدمها السيد رئيس النيابة العامة، خلال هذه الأيام التكوينية [أيام التعريف ب ”أعراف وقواعد هيآت المحامين”]، ومن باب الشيء بالشيء يُذْكَر،  نضع رهن إشارتكم بعض فقرات هذه المداخلة القيمة التي تروم :

 تخليق مهنة المحاماة، ورد الإعتبار للبذلة السوداء، والوفاء لقسم مزاولة هذه المهنة النبيلة، المنصوص على مضامينه في المادة 12 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة.

حيث اختار الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة السيد محمد النباوي تذكير المحامين الشباب ببعض  قيم ومقومات قواعد وأعراف مهنة المحاماة التي يتعين عليهم احترامها وتقديسها والتفاني في تجسيدها [حالا ومقالا – قولا وفعلا – عقيدة وسلوكا ومنهاجا] مساهمة من طرفهم في تخليق رسالتهم النبيلة المستوحاة من الأمانة العظيمة الملقاة على عاتقهم.

لكل ذلك ومن أجله، إخترنا لكم خمسة وصايا بليغة تضمنتها هذه المداخلة القيمة، حيث خاطب السيد عبد النباوي المحامين الشباب قائلا :

1 – “إن إقامة العدل، وإن كانت تتطلب إعطاء الحقوق لأصحابها، وأنتم مستأمنون على المساهمة في ذلك بالدفاع عن حقوق موكليكم ومساندتهم حتى ينالوا حقوقهم، فإنها لا تدعوكم إلى مساعدتهم على كسب حقوقاً ليست لهم، أو مساعدتهم في الاستيلاء عن حقوق غيرهم”.

2 – “كما أنكم إن كنتم موكلين للدفاع عن متهمين، فإن دوركم ليس هو تبرئة الجناة أو إدانة الأبرياء .. من يفعل ذلك يكون قد خان الأمانة .. أمانة إقامة العدل بين الناس .. بل يكون قد أخل بأمن المجتمع وبأمنه الشخصي وأمن أهله .. وربما أمن أبنائه وبناته”.

3 – ”مهمةُ المحامي ليست أن يدافع عن سارق ليفلت من العقاب ويحوزَ براءةً ليَنْعَمَ بما سرقه .. ولا المساهمةُ في براءة مغتصِبٍ عاتَ فساداً في أعراض الناس، أو بتبرئة قاتل أزهق الأرواح .. فالعدالة الحقة تقتضي أن يحاسب كل واحد على ما أتاه .. وأن يعاقب على ما ارتكبه بالعقاب المقرر في القانون”.

4 – “دور المحامي أن يحافظ له على حقوقه ويجعله ينتفع بما قرره له المشرع من إجراءات، أو يستفيد من الظروف المناسبة لأحواله الصحية أو الاجتماعية والاقتصادية ..

وليس مهمة المحامي مساعدته في طمس الحقيقة أو تغييرها من أجل الإفلات من العقاب .. فلربما إذا أفلت المغتصب على يديكم يوماً .. سيكرر فعله، وقد يعتدي على إحدى قريباتكم.

وإذا أفلت السارق بسبب مساهمتكم .. قد يستهدف يوماً ما جيوبكم أو ممتلكاتكم”.

5 – “إن الحقيقة لا تدافع عن نفسها – بل لابدّ لها من مدافع يتسم بسمو الأخلاق ويتحلى بخصلة الوعي بالمسؤولية والإحساس بثقلها، لأن مهمته تتجاذبها عدة اتجاهات، فهو مطالب بالدفاع عن موكله والإستشارة والنصح السديد وخدمة العدالة، وكذلك بالبحث عن الحقيقة التي تؤدي إلى الإنصاف.ما أحوج القضاء المغربي إلى تقيد المحامين عموما، والجيل الصاعد من المحامين الشباب على وجه الخصوص، بهذه التوجيهات القيمة، وانضباطهم ومواظبتهم على استلهام روح هذه الوصايا الخلاقة، والمثابرة على تفعيلها بكل جدية وقناعة ومصداقية متقدمة، ترسيخا من جانبهم لمقومات دولة الحق والقانون والمؤسسات، والحريات العامة وحقوق الإنسان، والديمقراطية الخلاقة والعدالة الإجتماعية، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وضامن استقلالها.

جدير بالذكر أن أشغال هذه الندوة تميز بحضور كل من وزير العدل والحريات السيد محمد أوجار، والوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة السيد محمد عبد النباوي، ورئيس هيآت المحامين بالمغرب الأستاذ عمر ويدرا، ورئيس المنظمة العربية للمحامين الشباب الأستاذ أحمد سهيل المطيري، إلى جانب السادة الأستاذة النقباء بهيآت المحامين لدى محاكم الاستئناف بكل من أكادير وكلميم والعيون، وكذا عدد من المسؤولين القضائيين والنقباء والمحامين.


اترك تعليقاً