الإشاعة يُؤَلفُهَا الحَاقِد – وَيَنْشُرُهَا الأَحْمَق – وَيُصَدقُهَا الغَبِي … حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة !!!

الإشاعة يُؤَلفُهَا الحَاقِد – وَيَنْشُرُهَا الأَحْمَق – وَيُصَدقُهَا الغَبِي … حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة !!!

إعداد عبد الصادق مشموم : المنبر المراكشي

هناك مقولة أو قاعدة لا يختلف عليها اثنان في أن الإشاعة يؤلفها الحاقد وينشرها الأحمق ويصدقها الغبي، وعندما تحلل تلك المقولة المختصرة تجد أن الأصل في أي شائعة ليس جانبا إيجابيا وليست هي المصدر المفترض للمعلومة فهناك قنوات تقوم بهذا الدور وعلى العلن ولها مصادرها ولم يكن يوما ما هدف الإشاعة إلا إثارة الفوضى والتشكيك وتناول أعراض الناس وإثارة سوء الظن والتجسس على الآخرين فالأصل فيها الحقد والعدوان والحرب النفسية على الغير، ولا أعتقد أن هناك شخصا واعيا يختلف في الرأي عن هذا التوجه، وهي عبر التاريخ كانت أداة من أدوات الحروب النفسية وتفكيك المجتمعات، وأيضا العائلات. والأسر ….

5554

الذي اختلف اليوم في نقل وسرعة وانتشار الشائعة توفر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمثابة البيئة الخصبة لنقل السواليف والضرب من تحت الحزام وتفريغ الحقد والعدوان على الآخرين، ففي السابق كانت الشائعة تنتقل من خلال سواليف الحريم عندما يجتمعن لشرب قهوة الضحى، وأيضا كانت المجالس أحد مصادر تداول الشائعات وفي آخر الأمر لا تخرج من تلك الإطارات ونعرف من قالها وماذا وراءه، ولكن اليوم أصبحت الأنامل هي من تلعب بأفكار ونفسيات الناس ومن خلال الهواتف الذكية والحواسيب ومن خلف الكواليس، المهم في الموضوع لماذا يكون أحد أدوات نشر الشائعات أصحاب العقول والحكمة والرأي والتعليم، وهل هذه السلوكيات مقصودة من أولئك أم هي انعكاس مؤشر على مستوى الوعي والاستبصار والثقافة والتحضر لديهم؟

هناك محللون نفسيون واجتماعيون يقولون: إن الإنسان قد يتجرد من الكثير من المعارف والخبرات والأشكال المختلفة للسلوكيات الحضارية التي اكتسبها خلال حياته ويعود بجذوره التقليدية البدائية وينفصل عن كل تلك المعارف عندما يتعرض للضغوط سواء فكرية أو بيئية، خاصة عندما يكون هشا على مستوى شخصيته ليعود لتلك الجذور أو السلوكيات البدائية، خاصة عندما يكون بمفرده وبعيدا عن أنظار الناس فتصدر منه الكثير من السلوكيات التي تخالف ما رسمها لنفسه اجتماعيا.

وعندما يعود الإنسان إلى بدائيته لا تؤثر المفاهيم والمعارف والتجارب في فكره وسلوكه فتكثر لديه نوازع الحقد والعدوان والتشفي وتتدهور لديه الأخلاقيات والقيم، خاصة قيم العدل والحرية وحقوق الإنسان، ويجد الشائعة أداة من الأدوات التي يفرغ من خلالها مكبوتات الشر لديه.

وتشير الدراسات النفسية إلى أن الاضطراب في الشخصية هو السمة البارزة لدى البعض ممن يمتهنون ويعشقون نقل وصناعة الشائعات فما يعرف بالشخصية السيكوباتية أو الشخصية المضادة للمجتمع وهي أحد اضطرابات الشخصية قد تكون مثل هذه البيئة الخاصة بالشائعات أنسب البيئات لها لممارسة العدوان على الآخرين وعلى المجتمعات كون هذه الشخصية تتميز بذكاء تخطيطي وبرود عاطفي وعدم إحساسه بمعاناة وألم الآخرين لذلك نجده أكثر الناشطين في مجال صناعة ونقل الشائعات.

اليوم ما يثير الدهشة والتساؤل الدور والمساهمة الواضحة للكثير من الرموز والمثقفين وأصحاب الرأي في نقل وإعادة صناعة وصياغة الشائعات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ولولا هذه المواقع لما اكتشفنا أن أولئك لديهم الكثير من المهارات والفنون في النقل والتحريف للشائعات، وقد تجد أحدهم أثناء الحديث أو التغريدة يبدأ كلامه بالتأكيد بأن هذه المعلومة هي من مصادر مقربة من الحدث أو ليؤكد أنه شخص واصل ويعلم ما لا يعلمه الآخرون، ليثير لدى الآخرين حب الاستطلاع وحشر الأنوف في أسرار الآخرين، وهذا بحد ذاته مشكلة كونه يجر الناس نحو العودة والنكوص إلى الحاجات الأساسية لبقائهم التي منها الحاجة إلى حب الاستطلاع.

المهم هنا:

هل أصبحت الشائعات ومواقع التواصل الكشاف لإسقاطات ومن ثم حقيقة شخصية ومستوى تفكير وإدراك العديد من الشخصيات الفكرية والاجتماعية والثقافية؟


اترك تعليقاً